الشام بالماضي و أيام الزمن الجميل في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي. كانت مشاوير الشباب في الشام وأطرافها ما بين تفتيلات في الشعلان و الصالحية و أبو رمانة ، المهاجرين ، حدائق السبكي ، المزرعة ، باب توما ، سوق الحميدية ، العمارة ، البزورية ، الجامع الأموي ، القصاع ، التجارة والمرجه ، والستريوهات كان ياما كان وفور هاندرد ، والحدائق بكل حي و أبعدها الغوطة وبساتينها وفواكهها الرائعة وطريق المطار والقرى حواليه ، ثم التل وعين منين وعين الصاحب ، ثم و الربوة دمرعين الخضرة عين الفيجه بسيمه بقين ومضايا وبلودان …
في شوارع دمشق الشام تتناول بعض الحلوى من محلاتها أو السندويش من محلات فابيان ؛ أو تساقي بوز الجدي أو فوال “صلّح” بسوق العتيق التي كانت قليلة الانتشار والعدد في حينها … وبكل حي حمصاني وفوال مشهوروالله كانت حلوة تلك الأيام … في كل شارع من شوارع الشام فيه ما يميزه … فالصالحية بن البكري والمشهور دامر وبوظاته الرائعة وحتى الكاتو فيه غير شكل … او أن تأكل سندويشة الشاورما من ابو العبد وتتحلى بهريسة بروكي المقابل له. في مسرح الحمرا بتنسى حالك و ان ما عجبك تعدي عند كنافة اباظة ناعمة أو خشنة ما بتنسى طعمها تحت أسنانك بالمرة … هذا ولابد من ذكر محلات السندويش والكوكتيل التي تصادفها كل بضعة امتار في الصالحية او شارع الفردوس كمحل اتوماتيك عند سينما الزهراء وغيره. وبالمساء وأنت تتجول وتستعرض شبابك أمام الفتيات الأنيقات لا بد من تناول الآيس كريم من محل “موكا ” بجانب موقف أبو رمانة … والسينما المنتشرة في لب دمشق كالسفراء في شارع 29 ايار والفردوس والدنيا والامير والزهراء وسينما دمشق والعباسية والاهرام وصولا للصالات الرخيصة والتي كنا نتجنبها كسينما غازي وغيرها مع افلام كان لها صدى كجنكلي ومدافع نافارون وانجليك والكثير الكثير … وعند الخروج من ثانوية جودت الهاشمي اوثانوية ابن خلدون ، اوثانوية أمية عند ساحة التحرير ومطاعم ميامي وحسن الصوص والجوع يقاتل عصافير بطنك لا بد أن تتناول سندويشة فلافل من التجهيز بالفردوس بربع ليرة ولن تنسى طعمها او خاروف محشي من محل بامبو في الصالحية بجانب البرلمان … أو تروح عند أبو شاكر كمان و كمان … في سبعينيات القرن الماضي لم تكن دمشق تعرف الفريز بتلك الوفرة الكبيرة التي تغزو تلك الفاكهة بها الأسواق في فصل الربيع … محل “ديليس” في وسط الصالحية لنأكل الفريز بالكريمة غالي الثمن … وطعمته غير وغير … ومحلات العصائر والسندوتشات السناك مما لذ وطاب. الأصدقاء يتناولون “الشوكولامو” هذه الكأس الفاخرة – في تلك الأيام – فارعة الطول التي لا يجاريها في رشاقتها سوى الملعقة المتطاولة التي تغوص إلى أعماق الكأس لتسحب حتى الثمالة الذائبة وتلحوسها ع الآخر و اللهِ غير …
وفي زاوية المكان تقبع تلك الآلة السحرية المذهلة التي – وبليرة واحدة – تسمعك أغنية من الأغاني الرائجة فتقلب الاسطوانة لتبدأ الموسيقا تملأ الأجواء رومانسية … توم جونز … هامبوردينغ … البيتلز بول أنكا … أو فيروز … أو أي أغنية تحبها وتسمعها لغيرك كمان والله زمان … وغير بعيد تقبع سندويشات السجق عند سيروب مع اللبن العيران … لا تضاهى
الشام بالماضي و أيام الزمن الجميل والذاكرة تعود الى مجموعة من المقاهي كقهوة امية والكمال والفاروق حيث كنا فتية نلجأ لها للعب التركس او الطرنيب عند هروبنا من المدرسة 😁 أما إذا ضايق خلقك أكتر وأكتر ؛ تركب باص دمر الهامة أو قدسيا وتروح على قهوة أبو ذراع أو أبو شفيق لتسمع أم كلثوم تصدح بالطرب الأصيل ، وتعيش ألف ليلة وليلة أو دارت الأيام … اما في الصيف فلديك المسابح المنتشرة حول المدينة كالمسبح البلدي والسيريانا والربوة وتروبيكانا الروضة تزيل عنك الحر وتتمتع برفقة الاصحاب ولعب الورق والسباحة وبأسعار رخيصه الدخول نصف ليرة.
ايام الجمع كان الفطور من حواضر البيت مع الخبز الساخن من الفرن وقد تجلب بعضا من الاكل من الخارج كالبغاجة بلحمة من عند الكيال بالمرجة او الشويكي بالشعلان او تحضر الفول والحمص من الحمصاني او تكتفي بالتماري وكعك من البائع الذي يمر بحارتك ثم تتناول البوظة من عربة بوظة اميه المارة ايضا امام منزلك وقد يكون الحلاب قد اتى بالحليب الطازج ليكيله امام المنزل وقد تكون اوصيته على جبن طازج تسنره الوالدة بالمسكة وحبة البركة لناكله من الخبز المشروح وعرق الطرخون. كانت جميع خضار الموسم تمر على الحمار او العربة امام باب منزلك وتسمع البائع ينادي وينغم اللحن على بضاعته لكل أنواع الفواكه والخضار كان يمر بدمشق جميع الفصول بشكل معتدل ، كان صيفها جميلا الا انه لم يكن بالمستوى الذي اصبح عليه حاليا ، كانت المراوح العادية تبدد كل حر ولا وجود للمكيفات وكان اهل الخليج يعتبرون دمشق مصيفا يقع على ارتفاع 1000م و قبل ان يخنقها العمران الجائر وازالة الغطاء النباتي … كانت مشاوير يوم الجمعة تقع حوالي دمشق الى الربوة والمقاهي الشعبية او المطاعم الافخم في ذلك الوقت كالوادي الاخضر والفردوس وحدائق التيفولي والمنشية وقد تصل لعين الخضرا او الفيجة مصاطب عائلية وعدة مطاعم مع غيرها ايضا في بقين وقصر الجرجانية ومطاعم سهل الزبداني وابعدها ابو زاد ثم مورة في بلودان وجدودنا كانت موجة الاف ام والاغاني عبر الكرامافون واسطوانات 78 و45 التي كنا نشتريها من محل شاهين بالبرلمان الى مسجلات الشرائط البكر الكبيرة التي كنا نسجل عليها بالميكرفون الى الكاسيت الصغير …
نعم لقد كان زمن الرتابة المفرطة … زمن تقدير الاشياء وقيمتها … زمن ندرة المال والتكنولوجيا ووفرة السعادة والقناعة والتعب على الذات واقتناء القيم … زمن الصدق والصداقة والمحبة والمسؤولية … التي نفتقدها كثيرا هذه الأيام … وفي الختام لا نقول إلا آآه يا شاااام على ذكرياتك الجميلة من أيام الزمن الجميل وهديك الأيام …
منقول عن شامي عم يتذكر …