سورية عبر العصور في لمحة عن تاريخ سورية
الهياكل العظمية البشرية التي اكتشفت حتى الان ترجع الى حوالي 100 ألف سنة في سوريا، فقد سكن الأنسان سورية منذ اقدم العصور وترك شواهد وأثار مادية كثيرة تدل على نشاطه ووجوده في حين أن بعض البقايا الأثرية المكتشفة تعود الى ما قبل 150 ألف سنة ويمكن اعتبار سورية زراعياَ المنطقة التي تم فيها تدجين القمح واختراع الخزف صناعياَ واكتشاف المعادن وهي من أهم منجزات انسان ما قبل التاريخ . لهذا يصف المؤرخون سورية بأنها ، خلاصة لتاريخ العالم.
فقد إخترعت على شواطئها أول أبجدية في العالم (أبجدية أوغاريت) قرب اللاذقية التي أصبحت أما للأبجديات المعروفة كافة، وكان لها أبلغ الأثر في نشر العلم والثقافة بين بني البشر، ولهذا فإنها تعتبر من أعظم المكتسبات للإنسان، وكذلك فيها دمشق؛ أقدم مدينة ما تزال موجودة على الأرض.
إقلب أي حجر فيها، ففي ترابها تجد ألف تاريخ يتكلم. وأنت تكاد لا تذكر أي مكان على أرضها تتزاحم عندك ذكريات الدأب الانساني المبدع كله منذ كان الإنسان: ماري، ابلا، حبوبة، أوغاريت، قادش، عمريت، آفاميا، دورا أوروبوس، تدمر، بصرى، شهبا، الرصافة… ففي تل الحريري؟ حفروا فيه بضعة أمتار فوجدوا مملكة باهرة الحضارة ، مملكة (ماري) التي تسمى حالياً تل الحريري
مدينة على نهر الفرات إزدهرت حوالي سنة 2900 – 1760 قبل الميلاد. وكانت مدينة مهمة تقع على طرق التجارة بين ساحل البحر المتوسط وبلاد الرافدين. خاضت ماري حرباً طويلة الأمد مع إبلا. وخلال القرنين 19 و 18 قبل الميلاد كانت ماري تحت حكم الأموريين. وكانت الزراعة تتم بالري الصناعي. وتم تدمير ماري على يد البابليين حوالي سنة 1760 قبل الميلاد.
وهل سمعت بتل مرديخ؟ بضعة أمتار أخرى وجدوا مملكة (ايبل) الحاضرة المزهرة التي خلبت عقول الباحثين والمكتشفين ولا تزال. وتل رأس الشمرة؟ هناك اكتشفوا (أوغاريت) الحاضرة التي كانت ينبوع ثقافة وتثقيف للبشرية كلها.
قطنا مدينة قرب حمص المعاصرة كانت في القرن الثامن عشر قبل الميلاد تحت حكم ملوك أموريين. كانت في القرن الخامس عشر قبل الميلاد منطقة نزاع بين القوى العظمى ميتاني ومصر. وقام الحثيون بنهب قطنا في القرن الرابع عشر قبل الميلاد.
وتل حلف؟ وتل أحمر؟ وتل الخويرة ؟ وتل الرماد؟ وتل سوكاس؟ وتل حبوبة الكبيرة؟ ففي رحمها ممالك وقصور ومدائن.
أعطى هذا المكان اسمه لحضارة حلف إبتداء من سنة 5000 قبل الميلاد. وتتميز هذه الحضارة بالفخار المطلي المزين بأشكال حيوانية وزخارف هندسية.
فسهول سورية ليست كالسهول، و تلالها ليست كالتلال، فعلى الأرض السورية ولدت أروع الحضارات، وتفاعلت أعظم المدائن، وأبدع الإنسان المنجزات التي لا تزال ترفع البشرية في نعمائها حتى اليوم: هذه الفترة البعيدة من حياة الإنسانية لازالت بقاياها متناثرة في أكثر من مكان في سورية.
حضارة المعادن نشأت في (تل حلف) على ضفاف الخابور، ومن قبل ذلك كان إبتكار شي الصلصال وجعله خزفا وزخارف. وتتابعت الإبداعات والإنجازات منذ الألف الثالثة قبل الميلاد: في مملكة (ماري) على الفرات كانت قصور ورسوم وكان إزدهار تجاري وثقافي مشهود. مملكة (أوغاريت) على الساحل السوري قدمت للإنسانية إبتكارها المعجز؛ الأبجدية الأولى في العالم. أما مملكة (أيبلا) فقد اكتشفت في قصرها الملكي أروع وأضخم مكتبة وثائقية تضم أمور التجارة والدبلوماسية والصناعية وعلاقات الحرب والسلم مع الممالك الأخرى لتصوغ القانون الدولي القديم، إذ أن سلطان (ايبلا) ونفوذها امتد من جبال الأناضول شمالا حتى سيناء جنوبا ومملكة (أكاد) شرقا، وكانت ذات صناعتين هامتين: المنسوجات الحريرية الموشاة بخيوط الذهب، والخشب المحفور والمطعم بالعاج والصدف.
ولا تزال سورية حتى اليوم وبعد أكثر من ثلاثة آلاف عام تشتهر بهاتين الصناعتين فالبروكار السوري الحريري ذو الخيوط الذهبية فريد من نوعه في العالم، والموزاييك السوري الخشبي المطعم بالصدف والعاج يعد من أجمل الهدايا التي يتبادلها الناس في كل مكان. فسورية ترى نفسها متحف كبير متنوع تتراكم فيها آثار الحضارات البشرية واحدة فوق أخرى. وهي تفخر، لا شك بهذا التراث العريق الحافل الذي تضمه أرضها.
لهذا حين تأتي الى هذه الأرض الطيبة ستجد أنك في رحاب التاريخ وفي رحاب المستقبل، وأنك تشهد في اللحظة ذاتها: الأمس، واليوم، والغد جميعا.
يقع أقدم موقع للعصر الحجري القديم في سرير نهر الكبير الشمالي وهو يعود إلى مليون عام، ثم نرى في حوض العاصي آثار هذا العصر ولكنها تعود إلى نصف مليون عام. وفي غربي اللطامنة شمالي حماه عثر على موقع لهذا العصر يعتبر من أهم المواقع ومن أندرها في العالم، عثر في سرير النهر على آثار معسكر بشري محفوظ ضمن طبقة من الرمل والطمي مؤلفة من أدوات حجرية من فؤوس و سواطير و مكاشط، وتبين أن الإنسان كان يستفيد من النار.
وثمة مغائر في يبرود كشفت عن آثار الإنسان القديم الذي عرف بالترحال، فلقد تعاقب على هذه المغائر مجموعات بشرية خلال خمسين ألف عام انتشرت في أنحاء سورية، وقد استعمل الإنسان وسائط حجرية جديدة وجدت في الكوم البادية حيث الينابيع. ثم ظهر إنسان النياندرتال الذي أصبح أكثر حضارة، فهو نحات ماهر استفاد من العظام في صناعة بعض الأدوات، كما استفاد من قدح النار ومن ألوان التراب لتزيين أدواته وأجسامه، ومارس دفن الموتى في طقوس محددة.
فلا عجب أن الإسم سوريا الذي هو إسم سرياني من كلمة (سر) وتعني السيد ومؤنثه (سارة) تعني (الأرض السيدة أو أرض الأسياد أو الأشراف)
وقد حل الإسم مكان تسمية (آرام) وذلك بعد انتشار المسيحية ومحاولة المسيحيون تمييز أنفسهم عن الوثنيين فأطلقوا على أنفسهم تسمية السريان (أو السوريين) أي الأشراف و بقيت تسمية (آراميين) للدلالة على الوثنيين.